«أوميكرون» إحداها.. سلالات جديدة من كورونا تثير الرعب في 2021
«أوميكرون» إحداها.. سلالات جديدة من كورونا تثير الرعب في 2021
تتحَّور كل الفيروسات بشكل طبيعي بمرور الوقت، ولا يُعد “كوفيد-19” استثناءً، فمنذ أن تم التعرف على الفيروس ظهرت آلاف الطفرات منه، والتي تسمى بـ”السلالات”، وكان لمعظمها تأثير ضئيل أو معدوم على خصائص الفيروس، واختفت بالفعل بمرور الوقت، وفي 2021 ظهرت بعض السلالات التي تحور الفيروس فيها بطريقة تساعده على البقاء والانتشار، مثل سلالات “دلتا” و”لامدا” و”أوميكرون”.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية كان هناك 50 طفرة إجمالية من بينها 30 طرأت على البروتين الشوكي الذي يحيط بالفيروس، وهو الجزء الذي تستهدفه معظم اللقاحات والمفتاح الذي يستخدمه الفيروس للوصول إلى خلايا الجسم.
خطورة المتحورات الجديدة
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، لا دليل على أن أيا من المتحورات المختلفة لفيروس كورونا سبب أعراضا أشد خطورة لدى معظم الناس.
وبالطبع إذا كان متحور جديد أشد خطورة فإن الخطر الأشد سيحدق بمن لم يحصلوا على اللقاح، حيث إن اللقاحات تعطي مناعة ضد الأعراض الشديدة الناجمة عن كوفيد-19، بما فيها العدوى التي تسببها المتحورات الجديدة المقلقة، كذلك فإن اللقاحات تقلل احتمال الإصابة بالعدوى، لكنها لن تلغي الخطر بشكل كامل.
وتبقى النصيحة لتجنب العدوى كما هي في حال المتحورات الجديدة: اغسلوا أيديكم، حافظوا على التباعد، استخدموا القناع في الأماكن المزدحمة وانتبهوا للتهوية.
أشهر السلالات في 2021
أهتم الخبراء ببعض السلالات من فيروس “كوفيد 19” وهي ألفا (تم العثور عليها لأول مرة في بريطانيا)، وبيتا (جنوب إفريقيا)، وغاما (البرازيل) ودلتا (الهند)، و”لامدا”، هذا إضافة إلى السلالة الجديدة أوميكرون (جنوب إفريقيا).
وكانت قد اكتشفت سلالة منحدرة من تحوّر دلتا لفيروس كورونا المسبب لوباء كوفيد 19، وهي سلالة تتسبب في أعداد متصاعدة من حالات الإصابة في بريطانيا وغيرها من الدول، تتميز هذه السلالة (التي أطلق عليها اسم AY.4.2 أو “دلتا بلاس”) بتغيّرات أو طفرات قد تساعد الفيروس على الديمومة بشكل أكثر فاعلية.
وتم تصنيف هذه السلالات على أنها مثيرة للقلق من قبل منظمة الصحة العالمية لأنها تشكل خطرا متزايدا على الصحة العامة من خلال جعل الفيروس أكثر قدرة على العدوى، أو التسبب في مرض أشد، أو تمكين الفيروس من مقاومة اللقاحات في نسبة أكبر من الحالات.
“أوميكرون”
في 26 نوفمبر، أعلن رسميا عن ظهور متحور “أوميكرون”، في جنوب إفريقيا، والمسمى علمياً بـB.1.1.529، والذي أخد في الانتشار بسرعة في جميع أنحاء العالم، بعد أن صنفته منظمة الصحة العالمية على أنه”متغير مثير للقلق” من الصعب التنبؤ بسلوكه.
وأظهر “أوميكرون” أنه ينتشر بشكل أسرع من المتحورات السابقة لـ”كوفيد-19″ ويمكنه تفادي بعض المناعة من العدوى الطبيعية أو اللقاحات، وهذا هو السبب في أنه من المهم جدا الحصول على لقاحات معززة.
سلالة “دلتا”
تم التركيز خلال عام 2021 على سلالة دلتا والتي ثبت أنها تمثل تهديدا أكبر على الصحة العامة مقارنة بالسلالات السابقة، وذلك للأسباب الآتية:
أولا، معدل العدوى بهذه السلالة أعلى بنحو 60% من معدل عدوى بسلالة ألفا، والتي لديها بالفعل معدل عدوى أعلى بنسبة 50% مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا.
وتسببت سلالة دلتا بالفعل في موجة ثانية قاتلة من الإصابات في الهند في إبريل ومايو الماضيين، وأصبحت أيضا السلالة المهيمنة في بريطانيا.
وتم رصد هذه السلالة في أكثر من 90 دولة حول العالم، مع تأكد تفشيها في الولايات المتحدة والصين وإفريقيا والدول الاسكندنافية ومنطقة المحيط الهادئ.
وتُظهر بيانات بريطانيا أن المصابين بسلالة دلتا ولم يتلقوا اللقاح أكثر عرضة للدخول إلى المستشفى بمرتين من أولئك الذين أصيبوا بسلالة ألفا.
“دلتا بلاس”
وفي شهر يوليو 2021، تعرّف الخبراء في بريطانيا وحددوا سلالة جديدة للفيروس أطلق عليها اسم متحوّر AY.4.2 (أو “دلتا بلاس”، الذي كانت الهند قد أدرجته في أواخر يونيو بين السلالات المثيرة للقلق.
وقد تم وصفها من قبل هيئة الصحة العامة في انجلترا بأنها مماثلة لدلتا ولكن مع طفرة إضافية في البروتين الشوكي الذي يمكن الفيروس من ربط نفسه بالخلايا المصابة.
وتم العثور على دلتا بلس في 9 دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والبرتغال وسويسرا واليابان وبولندا ونيبال وروسيا والصين.
“لامدا”
وأضافت منظمة الصحة العالمية خلال يوليو وأغسطس سلالة “لامدا” إلى قائمة السلالات ذات الأهمية، وقد ارتبطت هذه السلالة بحالات “كوفيد-19″ في العديد من البلدان لا سيما في أمريكا الجنوبية ومنطقة الأنديز (بيرو وتشيلي والأرجنتين والإكوادور).
وتم العثور على هذه السلالة في 29 دولة، وفقا للمبادرة العالمية لمشاركة بيانات إنفلونزا الطيور التي تتبادل أيضا البيانات حول فيروس كورونا.
وقال وقتها بابلو تسوكاياما، عالم الجراثيم من جامعة كاييتانو هيريديا في بيرو وأحد الباحثين وراء تحديد السلالة الجديدة” إنه من المرجح أن سلالة لامدا أكثر قابلية للعدوى فهذه هي الطريقة الوحيدة لشرح نموها السريع”.
وأضاف قائلا: “الحقيقة البسيطة المتمثلة في أن هذه السلالة أكثر قابلية للعدوى تعني المزيد من الحالات التي تدخل إلى المستشفيات والمزيد من الوفيات”.
هل اللقاحات فعالة في مواجهة السلالات الجديدة؟
يقول الخبراء إن اللقاحات المستخدمة حاليا ليست مصممة بناء على خواص العديد من هذه المتحورات وفي مقدمتها المتحور الجديد “أوميكرون”، لكن هذا لا يعني أنها لن توفر أي درجة من الحماية، ولكنها ما زالت فعالة على الأقل في تقليل حالات المرض الشديد مع المتحورات الجديدة للفيروس.
وتشير الدراسات إلى أن لقاحات كوفيد المتاحة ما زالت فعالة ضد السلالات الجديدة، لكن فعاليتها تقل ضد السلالات الأحدث مقارنة بالسلالة الأصلية لفيروس كورونا، خاصة بعد جرعة واحدة فقط من اللقاح.
وبالفعل، أشارت الدراسات في المختبرات إلى أن الأجسام المضادة في الدم لا تمنع “أوميكرون”، ومع ذلك، فإن الخبراء واثقون من أن البيانات الجديدة من شركة “فايزر” تكشف عن فعالية الجرعتين في منع مرض خطير من السلالة الطافرة.
ووجدت الدراسة أن الحصول على جرعة معززة، أو جرعة ثالثة، يشحن الخلايا المناعية الداعمة وهو ما يلزم للتغلب على المتحور بنجاح.
وقال ألبرت بورلا، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة “فايزر”: “على الرغم من أن جرعتين من اللقاح قد تستمران في توفير الحماية من الأمراض الشديدة التي تسببها سلالة أوميكرون، إلا أنه من الواضح من هذه البيانات الأولية أن الحماية قد تم تحسينها بجرعة ثالثة من لقاحنا”.
وفي دراسة أجرتها هيئة الصحة العامة في إنجلترا، قدمت جرعة واحدة من لقاح فايزر أو أسترازينيكا 33% فقط من الحماية ضد سلالة “دلتا”، مقارنة بـ50% ضد سلالة “ألفا”، ومع ذلك، ارتفعت هذه المعدلات بعد الجرعة الثانية إلى 88% للقاح فايزر، و60% للقاح أسترازينيكا.
وأكدت دراسة منفصلة أجرتها جامعة أكسفورد أن لقاحي فايزر وأسترازينيكا كانا فعالين ضد سلالتي “دلتا” و”كابا” اللتين تم رصدهما في الهند.
ونظرا لأن اللقاحات ليست فعالة بنسبة 100% في الفيروس الأصلي، فإن السلالات ستؤدي أيضا إلى حالات دخول المستشفيات وحتى الوفيات بين الأشخاص الذين تم تلقيحهم، كما تقول المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) خاصة بين الأشخاص الذين أخذوا جرعة واحدة فقط من اللقاح.
المعززات
المعززات أو الجرعة المعززة هي أفضل حماية ضد “أوميكرون” حاليا، أو أي متحور جديد، حيث تشير البيانات الأولية إلى أنها تحسن الفاعلية إلى 75%.
وبأخذ المعززات، لن تتوفر الحماية على الفور، لكنها ستكون أسرع من تلك التي حصلنا عليها من الجرعتين الأوليين، ويجب أن يستغرق الأمر ما بين سبعة إلى 14 يوما لبدء العمل، وفي المتوسط، ستكون الحماية كاملة بحلول اليوم العاشر، ومن هذه النقطة، يجب أن تظل مستويات الأجسام المضادة مرتفعة لمدة تصل إلى ستة أسابيع قبل أن تبدأ في الانخفاض تدريجيا.
كيف يمكننا مكافحة السلالات الجديدة؟
تُعد زيادة وتيرة التلقيح أولى أسلحة العالم في مواجهة الانتشار السريع للسلالات الجديدة، ولكن هذا يواجه تحديا خاصة في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط، كما تعمل العديد من الدول على تقليص الفجوة الزمنية بين الجرعتين الأولى والثانية من اللقاح للمجموعات الأكبر سنا.
من جهة أخرى يؤكد الخبراء أهمية مراقبة الفيروس من خلال تسلسل الحمض النووي مما يعني فحص عينات من الفيروس لتحديد الطفرات الجينية، وكذلك الحاجة إلى اتخاذ تدابير لخفض الإصابات والتعامل مع الوباء على المدى الطويل.
وعلى صعيد آخر يرى بعض الخبراء ومنهم البروفيسور إس في سوبرامانيان، من مختبر الإحصاءات الجغرافية بجامعة هارفارد: “إن البلدان لن تكون قادرة على تحصين طريقها للخروج من الوباء”، داعياً إلى مزيد من التركيز على العلاجات وتجهيز نظام الرعاية الصحية من ناحية الأسرة وأجهزة التنفس الصناعي والأكسجين والعاملين في قطاع الصحة.
ويقول سويرامانيان: “في رأيي، لا توجد طريقة يمكننا من خلالها الانتصار على الفيروس الذي يبدو أنه يتحور، ولكن يمكننا بناء أنظمة تطمئن الناس إذا احتاجوا إلى الرعاية بأنها متوفرة ويمكن الوصول إليها بأسعار معقولة”.